الأربعاء، 17 مارس 2010

زيارات منتجة

تتميز المرحلة الماضية لسورية بنشاط دولي على صعد مختلفة ومنها الاقتصاد الذي بلور ما وصلت إليه السياسة من نجاحات عبر اتفاقيات بينية تحقق قيمة مضافة إلى طبيعة العلاقات التي تربطنا مع هذه الدول.
إن الحاجة إلى التعاون بين الدول التي تنظمها تلك الاتفاقيات لم تعد خافية على أحد في ظل التحديات الجديدة التي يواجهها العالم، وعدم إمكانية العيش داخل حدود لاتحقق الاكتفاء لحياة معيشية تتطلب أكثر من الغذاء والكساء، جعل من الانفتاح على الآخر ضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز النمو الاقتصادي المطّرد عبر سياسات سليمة اقتصادياً وقنوات تواصل دولي توسع أفق التعاون بما يضمن انسياباً طبيعياً ومقونناً لتكامل نوعي يحقق مصلحة شعوب طرفي أو أطراف الاتفاقيات.
لاشك في أن المتابع للحركة الاقتصادية السورية مع دول عديدة يذهله عدد الاتفاقيات البينية التي وقعت سواء مع دول عربية أم أجنبية، تفسح هذه الاتفاقيات في حال تمت متابعتها القفز فعلياً فوق كل محاولات التضييق والحصار التكنولوجي الذي يواجهنا، كما أن من شأنها أن تجعل انسيابات الاستثمارات إلى سورية تحقق نسباً عالية مقارنة مع ما هو قائم اليوم..
وضمن رؤية جديدة منفتحة على طبيعة العمل التي تتطلبها هذه المرحلة وآلية الخروج من التوقيع البروتوكولي، إلى إيجاد الوسائل الكفيلة بالانتقال من حيز التوقيع والاحتفاليات الإعلامية إلى حيز التنفيذ والمتابعات الحكومية وعلى أعلى مستويات المسؤولية للوصول إلى حلول للعقد البيروقراطية أو أي عقبات تواجه فعلياً مسيرة التنفيذ لتلمس نتائج واقعية على الأرض لهذه الاتفاقيات التي كثيراً ما انتهت كل فعالياتها مع انتهاء مراسم الزيارات سواء باتجاه دمشق أم المغادرين منها، خرج ما يسمى مكاتب المتابعات إلى الوجود كإعلان صريح أن سياسة تنفيذية جديدة ستواكب نجاحات الانفتاح الخارجي بمستويات تبدأ من متابعات السيد الرئيس لهذه الاتفاقيات عبر مبعوثيه الخاصين وهو ما شهدناه مؤخراً من خلال زيارة المبعوثة الخاصة للسيد الرئيس بشار الأسد إلى الهند والمبعوث الخاص للسيد الرئيس إلى أميركا اللاتينية، وحين يصف الرئيس شافيز زيارة الدكتور محسن بلال وزير الإعلام مبعوث السيد الرئيس إلى أميركا اللاتينية: (بأنها زيارة عمل منتجة) وعندما تتبلور هذه الزيارة بقدرة على متابعة 13 اتفاقية ؟النفط في مقدمتها­ لتحصيل أفضل شروط تعاقد وتنفيذ، فإن هذا الأمر يحمل كل أصحاب القرار في مؤسسات الدولة مسؤولية تبدأ ليس من الإعداد للاتفاقيات فحسب، بل من لحظة إغلاق الكاميرات الإعلامية بعد الاحتفالية إلى تلك اللحظة التي نجني بها ثمار هذه الاتفاقيات للشعوب.
كما أن المتابعة تعرفنا كما قالت السيدة المستشارة الدكتورة بثينة شعبان على ما ينقصنا من آليات تنفيذ هذه الاتفاقيات وتضعنا أمام حقيقة وطبيعة العراقيل التي تواجه الاتفاقيات سواء أكانت من جانبنا أم من الجانب الآخر، حيث مدى قدرتنا على الاستفادة من هذه الانفتاحات على الآخرين هو المعيار الحقيقي لقدرتنا على توظيف واستثمار النجاح في الوصول إلى توقيع الوثائق المشتركة مع كثير من البلدان الصديقة والشقيقة وتحويله إلى وقائع على الأرض تستفيد منه الشعوب لتنمية قدراتها واستكمال وتكامل اقتصادياتها..
كما حال الهند التي رحبت بهذه المتابعة السورية، حال أميركا اللاتينية التي رأتها منتجة أيضاً، ونحن كسوريين نتطلع إلى أن تكون المتابعات عملاً دائماً وممنهجاً ومؤسساتياً يخدم المصلحة الوطنية.
إنها الخطوة الفعلية باتجاه حراك يترجم المكتوب بالفعل، وهي إن بدت واضحة جداً في أعلى مستويات السلطة، فإنه من الإنصاف القول إنها أيضاً بدأت في كل مستويات العمل التنفيذي من رئاسة الوزراء إلى الوزارات المعنية لمزيد من التواصل أولاً ولمعرفة قدراتنا والآخرين على التعاون، وأين هي عراقيله بكل شفافية إما لصياغة قرارات تزيل هذه العراقيل، أو لإعداد مشاريع قوانين تهيئ المناخات المناسبة لاستثمار هذه الاتفاقيات في الواقع السوري كما هي الحال على الضفة الأخرى.
سميرة المسالمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق