الأربعاء، 17 مارس 2010

قـــــادرون ولــــكن؟!

«سيقول لك الكثيرون إنك لا تستطيع، وإن هذا مستحيل، وذلك غير ممكن وغير مناسب وغير لائق وغير مفيد... فلا تصدقهم...
حاول كل ما تعتقد بنفسك أنك تستطيعه، وستكتشف أنك على حق وأنك ستنجح وتفاجئ الجميع»
هنري ديفيد ثورو
رغم أننا في الإعلام كثيراً ما نرى مشاريع الفشل أكبر حجماً من مشاريع النجاح اقتصادياً، إلا أن أحداً لا يمكن أن ينكر أنه، ورغم الظروف الصعبة عالمياً وإقليمياً ومحلياً، فقد استطاع الاقتصاد السوري أن يبلور صورته وأن يخطو باتجاه التنمية في تحدٍ واضحٍ لكل عوامل الإعاقة على اختلاف أسبابها وعواملها، وإذا كانت التنمية، كفعل استثماري حقيقي، لم تتبلور نتائجها شعبياً حتى اليوم في حياتنا المعيشية وتفاصيلها، فإن ذلك لا يعني على الإطلاق نكران أن جهداً حقيقياً يبذل، وأن اعترافاً دولياً بأن سورية واحدة من أكثر الدول النامية التي حققت نمواً سريعاً وملحوظاً ولكن:
أسئلة كثيرة تستوقف هذا المشروع التنموي بدءاً من موازنة 2010 وانتهاء بسلوكيات الحكومة تجاه عملية الإصلاح الاقتصادي عموما وإصلاح القطاع العام بشكل خاص؟
هل زيادة 19% في الموازنة العامة عن العام الماضي من شأنها أن تلبي احتياجات التنمية كاملة؟. وهل تستطيع هذه الموازنة أن تحفّز النشاط الاقتصادي؟ وهل تمتلك فعلياً المؤسسات الحكومية أدواتها لاستثمار هذه الأموال وفق جدوى اقتصادية واجتماعية، تسهم في تسريع نمو الاقتصاد السوري وتمنحه الوسائل اللازمة لاستدامتها بما في ذلك الخطط التعليمية والتدريبية والصحية والاجتماعية؟
لاشك في أن إعادة النظر بتوزيع الموازنة لعام 2010 باتجاه الإنفاق الاستثماري تعطي رسالة حكومية واضحة أن أهم الأولويات هي بإنتاج فرص جديدة لتحسين مستوى المعيشة، من خلال مشاريع حيوية تنعكس مباشرة على تنمية الأرياف وخاصة البعيدة منها، وتقديم البنية الخدمية اللازمة التي تؤسس لاستثمارات القطاع الخاص وتشجع على دخولها، لكن مع اعتبار أن وصول هذه الرسائل إلى الناس ليس بالبريد العاجل ولا حسب منتجات الثورة التكنولوجية، فالتنمية بطبيعتها فعل يحتاج إلى تراكم ما يجعل انعكاساته بطيئة في زمن يتزايد فيه شعور المواطن بالاحتياجات وابتعاد هذه الاحتياجات عن متناول يده...
والسؤال الأهم هو: هل ما ورد من مشاريع في الموازنة سيجد طريقه فعلياً إلى النور؟ بمعنى: هل ستكون هذه المشاريع تحت بند التنفيذ الضروري والملزم، وأن جهة ما ستراقب الأداء وتطور العمل وتحاسب المقصرين؟
فالمشاريع التي تضمنتها الموازنة في عام 2010 ليست مشاريع مستقلة في وزاراتها، وإنما ستعتمد عليها سياسات زراعية وصناعية وخدمية، وأية إعاقة في تنفيذها ستنعكس مباشرة على مجريات التنمية في قطاعات مختلفة. وقد تعودنا في سورية ­منذ عقود­ على البدء بمشاريع تبقى مجرد مشاريع دون أن يحاسب أحد أو يعلن أحد عن مسؤوليته عن هذا التقصير الذي تنشأ عنه متوالية عددية في انتهاك خطط التنمية المتوقعة...
إن الحاجة اليوم إلى إدارة للتنمية تتعاظم وفق منطق أن أهم ما يجب أن نستثمره هو الوقت، رغم أنه الشيء الوحيد الذي كثيراً ما تجاهلناه وكان سوء استخدامنا له ليس ضمن الأسباب الموجبة للعقاب.
إن التأخير الحاصل في إصلاح القطاع العام جزء من هدر مكونات الاقتصاد السوري، وإعلان صريح عن عجزنا في استثمار الوقت، ومصارحة تكاد تصل إلى درجة الاعتراف بأن الجرأة هي ما نفتقده في إصلاح هذا القطاع الذي سيكون، اليوم وغداً وفي كل الأوقات، عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد والتنمية والموازنات ما لم نسارع لاستجماع قوانا وإطلاق مبادراتنا باتجاه الحل بكل اتجاهات ومعاني هذه الكلمة...
نحن نستطيع فعلياً أن ننجح وأن نفاجئ الجميع بهذا النجاح شرط أن نؤمن بأنفسنا وبما نستطيعه سواء كنا قطاعاً عاماً أو خاصاً...
كل عام وسورية بألف خير..
سميرة المسالمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق