الأربعاء، 17 مارس 2010

بين الفعــــــــــــــــل والانفعــــــــــــال

بين أن نكون فاعلين أو منفعلين ليس بوناً شاسعاً كما يعتقد البعض أنه ذلك الخيط الرفيع الذي يفصل بين قدرتنا على العمل وبين العمل كفعل، وبين قدرتنا على صياغة القوانين وبين إقرار هذه القوانين، وبين تفريقنا لضرورات التعديل لبعض نصوص القوانين وفهمنا لهذه الضرورات وموجباتها، وبين أن نفهم التعديل أنه تحسين وتجويد وبين أن يتحول التعديل إلى مجرد أو حتى وسيلة لإيجاد ضرورة موجبة لتعديل جديد ثم آخر.
في الحقيقة موجبات التعديل في القوانين واضحة للجميع هي أن نقود هذا الوطن لاستقرار تشريعي، تبدأ من هذه النقطة تحديداً عملية التنمية المستدامة إذ إننا نعلم جميعاً أن لا تنمية يعول عليها دون قوانين واضحة مستقرة تأخذ طابع الديمومة لأبناء الوطن أولاً ثم للمتطلعين إلى دخول سوق الاستثمارات على مساحة سورية جميعها وللمستثمرين أنفسهم.
إن استقرار القوانين هو الأولوية اليوم بكل الاتجاهات لحدوث فعل التنمية المستدامة والتنمية لا تعني فقط تنمية الحجر وإنما يقصد بها تنمية البشر أيضاً.
القوانين التي تتعلق بمعطيات التنمية إذا لم تستقر وتتوضح وتصبح نصوصاً نافذة تتبلور من خلالها الأفعال وتراقب على أساسها الأعمال وتكون هي الفصل بين الناس والأقرب منهم الى الصلاح أو الأبعد تحول المناخات الإيجابية إلى مناخات مزاجية مرهونة باجتهادات اللجان واختلاف آراء أعضائها وربما تناقضها وهذا ينطبق طبعاً على كل ما يدور عنه الحديث اليوم من قانون التطوير العقاري إلى الرهن العقاري إلى قانون تنظيم المخالفات إلى كل ما يتعلق بمفردات الواقع التنموي إلى قانون أصول المحاكمات إلى...
ولعل هذا أيضاً يقودنا إلى قانون الأحوال الشخصية الذي لابد أن ترتهن لأجله الكفاءات وتوضع في سبيل تعديله كل الخبرات إلى ما يضمن حقوقاً أكثر ومصونية أكبر وامتيازات أكثر وضوحاً، ورؤى أكثر تجاوباً مع معطيات الواقع السوري وما قطعه من مراحل متقدمة تجاه المرأة والطفل بما يعزز مفهوم المواطنية لدى كل أبناء سورية بمختلف أطيافهم وأديانهم تعزيزاً للحقوق وتأكيداً لمبدأ المساواة بين الجميع على أساس أنه قانون لكل سورية ولكل السوريين.
على هذا الأساس نفهم ونتفهم ونقنع بأن ضرورات التعديل تؤدي إلى مخرجات إيجابية وحضارية وتعكس حقيقة الطبيعة السورية بكل تفاصيلها وأجزائها، وتضع بحسبانها أنها قوانين تحمل الديمومة فرغم أن التعديل والبحث في القوانين حالة حضارية بامتياز لكن عندما تكون لأسباب جوهرية وينتج عنها ما هو أكثر موثوقية وقدرة على توطين الحقوق وتوسيع أبواب الوصول إلى هذه الحقوق.
هكذا نتحول وبتجاوز الخيط الرفيع ذاك من منفعلين إلى فاعلين بكل الاتجاهات التنموية سواء تلك المتعلقة بالأرض وما بني عليها أو بمن خرج من الأرض وسيؤول إليها.. أي تنمية البشر والحجر معاً.
القوانين هي ضمانة الناس والاقتصاد والوطن وبقدر ما نستطيع أن نعمل على أن تكون واضحة النصوص مضبوطة الجمل، بقدر ما نستطيع أن نغلق منافذ الفساد إليها وعبرها، وهي الوحيدة التي يمكنها أن تكون الملاذ الآمن والحد الفاصل بين الفعل والانفعال ضماناً لتحول حقيقي في كل المسارات لأن نكون الفاعلين المؤثرين في بناء هذا الوطن.
من المفيد جداً أن نتطلع إلى قوانين لا تحتاج إلى تعليمات تنفيذية ولكن إن كان لا بد منها أي التعليمات التنفيذية فلا نقبل أن تحتاج هذه إلى فترات زمنية طويلة لإخراجها وربما تصبح هي في واد والقانون في واد آخر... لكن من المفيد أيضاً أن تخرج التعليمات التنفيذية لتكون عاملاً مساعداً على وضوح القوانين وليس على إمكانية جواز قراءة القوانين بالقراءات المختلفة فتصبح الاجتهادات كثيرة وأقربها إلى مصلحة كل منا أغلاها ثمناً وأصعبها طريقاً..
سميرة المسالمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق