الأربعاء، 17 مارس 2010

حماية الاحتيال..؟!

انضمت سورية إلى عشرات الاتفاقيات الدولية في أكثر من مجال، مرتبة بذلك على ذاتها التزامات متعددة، لعل أهمها ما يدل على احترام الحكومة السورية لقواعد تضمن استقرار التبادل التجاري، واحترام سمعة الشركات، وأسمائها التجارية، وعدم تقليد بضائعها، أو استخدام اسمائها وعلاماتها وشعاراتها بشكل يسيء إلى سمعة البلد ومكانته من جهة، ويدفع الشركات إلى الانسحاب والتراجع والإنكفاء عن إقامة مشاريع في سورية، وتوظيف أموال، وتوفير فرص عمل لآلاف المواطنين من جهة ثانية.
لكن ما يحدث في واقع الحال يختلف عن ذلك، فهناك شركات أوروبية تتعرض لعمليات ابتزاز فريدة من نوعها بسبب قيام أشخاص سوريين وبشكل إفرادي ودون أي سند رسمي «أي ليسوا وكلاء لهذه الشركات الأجنبية» بتسجيل علامات تجارية لدى وزارة الاقتصاد والتجارة ­ مديرية حماية الملكية، حيث تستخدم شهادات تسجيل الأسماء الأجنبية لمفاوضة الشركات العالمية وابتزازها ماليا.
وقد دفع ذلك بعض هذه الشركات إلى بدء نقاش جدي يبدأ من نقطة الانسحاب من السوق السورية ويمر عبر خسارات مالية كبيرة وخسارة مئات فرص العمل. والأهم من كل ذلك خسارة سمعتنا في مقولة واحدة: إننا لا نحترم التزاماتنا وليس صحيحا أننا جادون في الذهاب إلى اتفاقات دولية تحفظ حقوق هذه الشركات.
وبينما يطالب تجار سوريون بحفظ حقوقهم في الخارج وتبذل الحكومة السورية كل جهد ممكن لحمايتهم وحماية مصالحهم، فإن بعض الأفراد على قلتهم يضربون بعرض الحائط كل ذلك ويسيئون مباشرة إلى سمعة سورية وحقيقة التزاماتها في الاتفاقيات.
ولعل الأسوأ من كل ذلك هو أن مديرية حماية الملكية في وزارة الاقتصاد وفي فترات متعاقبة هي التي أفسحت المجال تحت عناوين مختلفة وإجراءات غير منضبطة وتناقضات غير مفهومة وربما أشياء أخرى لإمكانية ان يستغل بعض الأفراد كل ذلك لتسجيل علامات تجارية لشركات عالمية كبرى وهم يدركون أنه سيأتي اليوم الذي تدخل فيه إلى سورية لابتزازها ماليا.
وتشكل هذه العمليات من قبل هؤلاء الأفراد جريمة الإساءة إلى الاقتصاد الوطني وإضعاف الثقة به مهما حاولوا تغطية سلوكهم ومحاولة ستر هذه الفضائح بتعهدات من قبل المتعهد الذي يقدم لدى مديرية الحماية من أن طالب التسجيل يقرّ بأن الاسم الذي يحميه لا يمثل شركة عالمية على سبيل المثال، أو من خلال ستر هذه العيوب بأحكام قضائية وقرارات مختلفة، من هنا وهناك، ما أنزل الله بها من سلطان.
ما يحدث ليس أمراً عاديا، نضعه، هنا، برسم الحكومة السورية بوزرائها المعنيين: المالية و الاقتصاد والعدل والشـؤون الاجتماعية والعمل، وبرسم مديرية حماية الملكية بكل إداراتها المتعاقبة خلال السنوات التي شهدت مقدمات التحولات الكبرى في سورية اقتصاديا واجتماعيا والتي رافقتها إجراءات وتطبيقات غير مفهومة في تلك المديرية العجيبة؟!..
نحذر مما يحدث، ونطالب بحماية للإنجازات، وبحماية لسمعة البلد وبتأكيد مبدأ سيادة القانون واحترام التزاماتنا واتفاقاتنا في كل مجال وميدان، ونطالب الجهات المعنية الوصائية والقضائية والتفتيشية التحرك فوراً لإعادة الأمور إلى نصابها قبل أن نجد عشرات الشركات وهي تغادرنا غير آسفة لسبب سلوك القلة التي يجب محاسبتها بجرائم الاحتيال وغش الدولة والإساءة إلى الاقتصاد الوطني موظفين كانوا أم تجاراً أم أفراداً عاديين.
ارفعوا الغطاء عن هذه المهزلة قبل أن تتحول هذه الحكايا إلى سمعة تشوه حراكنا الإيجابي والتصاعدي، والذي يثير في كثير من جوانبه إعجاب الآخرين قبل أهل الدار.نفترض أن الجهات ا لوصائية تحركت فعلياً، وشكلت لجنة قضائية إدارية ­ اقتصادية تضع يدها فوراً على مديرية حماية الملكية لتراجع ما جرى تسجيله خلال السنوات الماضية، وتسأل عمّا إذا كان هذا التسجيل منسجماً مع القوانين أولا، وكم هو عدد الشركات العالمية، والماركات وشركات الإدارة والتسويق في السياحة والاقتصاد والتجارة وجميع أنواع البضائع قد سجّلت أسماؤها بشكل صحيح أو محوّر، ـ أي متلاعب به ـ ولمصلحة من؟ وهل يملك من سجّل هذه المعلومات امتيازاً أو تفويضاً من الشركات العالمية؟ مع مراجعة مهمة للفئات التي تسجل عليها الشهادات حيث يجري العبث العجيب الغريب، وحيث لا يدرك أحد ولا يفهم أحد مدى خبرة الموظفين الذين يقومون بالتسجيل، وما إذا كانوا سمعوا، أو خبروا، أو أدركوا شيئا عن هذه الأسماء أو الشعارات المستخدمة والمسجلة أم إن الأمر كله في أفضل حالاته اعتباطي وناشئ عن غفلة وقلة خبرة، رغم أننا لا نميل إلى هذا الرأي للأسف لأن ما يطرح في كواليس الشركات العالمية يحبط النفوس ويتجاوز الجهل والغفلة إلى احتمال وجود فساد متعمد يوهمنا أنه تحت الحماية؟!...
سميرة المسالمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق