الأربعاء، 17 مارس 2010

باهظ بما لايعادل؟!

في مقاربة لواقع الإعلام العربي بكل مستوياته وأشكاله واتجاهاته، وفي محاولة لتكون هذه المقاربة بمعزل عن الخيار السياسي، والرأي الشخصي، وفي إطار قراءة موضوعية تأخذ بعين الاعتبار ظروف هذا الإعلام المتباين إلى حد التناقض، وطبيعة الجمهور الذي يتوجه إليه ومساحات الحرية التي يتحرك بها، في ظل مقاربة لهذه المحددات يتكشف لنا أن بعض الإعلام العربي لايتساوق في لغته التعبيرية مع الشارع العربي لوجود تذبذب واضح في تلبيته لاحتياجات جمهوره وتطلعاته وخياراته المتنوعة بين السياسي والاقتصادي والفني والرياضي والثقافي، فيما يتضح بجلاء عجز أكثره عن لعب دور الصانع والمشكل للرأي العام حتى في أكثر الظروف وضوحاً وشفافية وسطوعاً.
وفي ظل ذات المقاربة يتبين لنا أن المشكلة ليست أزمات مالية وبالطبع ليست أزمة هوية ولكنها بالتأكيد أزمة إدارة وكوادر يمكن ملامستها بشكل أكثر حدة في الصحافة المتخصصة أو الفضائيات ذات النوع الواحد أو الخيار الواحد، كما يمكن ملامستها بجلاء أوضح في الإعلام المتنوع من صحافة أو تلفزيون، والذي لايستطيع حتى في ظل هويته المتنوعة أن يستحوذ على جمهور دائم..
إذاً هي مجدداً أزمة الكادر، والخبير، والمتمرس، وبالطبع ليس هناك أزمة مشاهد أو قارئ ولعل مراجعة بسيطة للصحافة العربية على سبيل المثال تكشف ضعف عدد القراء و حجم التشابه العجيب في المواضيع والعناوين وحتى الصور ما يبعث على القلق لما آلت إليه الصحافة العربية من تراجع في مستوى الحرية المسؤولة من جهة، ومستوى الأقلام وقدرتها على ملامسة الواقع الإنساني الحياتي والمعيشي للناس.. ويسري ذلك بالطبع أكثر فأكثر على الصحافة العربية التي تصدر خارج الوطن العربي و بعضها ممن وضع ذاته تحت التصرف فسقط في خانة الضعف ذاته، وصار أكثره لايشبه أصله ومبتدأه.. كما يسري ذلك على أشكال الإعلام الأخرى المرئية والمسموعة والذي بات التمييز فيما بينها يشكل استعصاء ذهنياً باعتبارها صورة نمطية تكاد تتطابق مع بعضها البعض، لكن المقاربة لايجوز أن تكون ظالمة إلى ذلك الحد الذي نتجاهل فيه أن بعض الإعلام العربي من صحافة وفضائيات وإذاعات تلعب في أكثر الأحيان أدواراً متميزة وفاعلة إلى حد تصبح فيه خصماً عنيداً ولاعباً بارزاً في المنتديات السياسية، هذه المقاربة هي أقرب إلى مقدمة لفتح حوار مستمر لاينقطع وجدّي للغاية لمعالجة واقع الإعلام العربي والتأكد من أن حجم الإنفاق في الإعلام العربي باهظ بما لايعادل أبداً الناتج الإعلامي والمردود المطلوب منه.
سميرة المسالمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق