الأربعاء، 17 مارس 2010

التنمية ونوافذ الفساد

يتحدث الكثيرون من أصحاب الاختصاص وعدمه بشأن التنمية وعوائقها منذ عشرات السنين. وحتى اليوم مازالت تلك العوائق تمثل ذلك الجدار العازل لتحقيق التنمية على مختلف الأصعدة، وكأننا أفردنا كل ذلك الوقت للحديث والحديث فقط.
هل وعينا بحق حقيقة تلك المعوقات حيث الوعي هو أولى درجات الحل لفهم هذه المعوقات وتحليلها لوصف الدواء الشافي لها؟
سؤال يبقى مشروعاً ما لم تتوفر خطة حقيقية نتلمس من خلالها، وخاصة فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، زيادة حقيقية في كمية السلع والخدمات التي ينتجها اقتصادنا السوري بعناصره المتنوعة: الأرض والعمل ورأس المال والتنظيم.
ولعل التنظيم هو الأداة المحركة لعناصر الإنتاج المختلفة، لخلق عملية التنمية التي تتطلب حراكاً مستمراً وتطوراً ديناميكياً يتناسب وتطور المجتمعات.
وإذا كنا نستطيع الجزم بأن التنمية لا تحدث بشكل تلقائي، وإنما بإرادة سياسية تهدف إلى تغيير الواقع القائم من خلال تغيير هياكل الإنتاج التي تنعكس على بنية المجتمع، لإحداث تغيرات مماثلة فيه، فإنّ هذا الأمر يضعنا أمام حقيقة أن أولى عوائق التنمية في سورية قد تم تجاوزها من خلال الإرادة السياسية التي دعمت عمليات التغيير وطالبت بإنتاج آليات هذا التغيير.
لكن أين هي عملية التخطيط لإنتاج التنمية الشاملة؟ وما علاقة الفساد المترامي الأطراف في إحباط هذه العملية؟ وما علاقة شح الموارد المالية اللازمة لتمويل الخطط الاستثمارية لإحداث التنمية، وإلى أي مدى أعاق ضعف الإدارة العامة في سورية عملية التنمية..؟
هذه الأسئلة قد تصعب الإجابة عليها في زاوية رأي لكنها في جوهرها تمثل حقائق قائمة تجعل من عملية التنمية تدور في دائرة مفرغة ما لم تتوفر حلول أو إجابات عليها..
فمثلاً قطاع الإسكان الذي يدور ملف العدد حوله اليوم هل أنتجت استراتيجية الإسكان التي وضعت لإنتاج حلول، مفاعيلها على الأرض أم إن سوء التخطيط أعادنا إلى المربع الأول حيث تبقى النظريات غير القابلة للتنفيذ ومجرد أفكار بيتها وملاذها أدراج المسؤولين؟
ما دور الفساد المتأصل في مفاصل العمل التنفيذي في المحافظات والبلديات في إعاقة وجود تخطيط تنظيمي؟ وما حجم الرشاوى الحقيقية التي كانت سبباً في نمو مليون منزل مخالف في سورية؟ وهل حقاً مارست الجهات الرقابية دورها الفاعل سواء الرقابي الموازي أو الرقابي المحاسب في الحد من الفساد (البلدي)؟
أين هي المراجعة التقييمية الموضوعية لأهداف المؤسسات على اختلاف تصاعديتها، من قبل هذه الجهات الرقابية أم إن هذه الجهات اقتصرت جهودها على ملفات فساد ماتت بحكم التقادم لا أكثر.
إرادة التغيير لخلق عملية التنمية في البلاد تتطلب أجهزة رقابية بأدوار جديدة، تحث على العمل بدلاً من انتظار وقوع الخطأ فيه.
لا يمكن لعملية التنمية في البلدان النامية أن تحقق أي نجاحات ما لم تسهم كل فعاليات المجتمع فيها. فالاعتماد على موارد الدولة وحدها في زيادة إنتاجية الاقتصاد وإحداث التنمية يعني المزيد من الانتظار للمزيد من القلق الاقتصادي حيث يصعب في ظل كل ما ننادي به من إنهاء للاحتكار أن يكون هناك من ينادي بوحدانية (احتكار) أعباء التنمية على الدولة ومؤسساتها فقط، حيث تحقق التنمية فرصاً متساوية لأبناء المجتمع للاستفادة من عوائدها، وبالتالي الأجدر أن يكون التخطيط لعملية التنمية يوفر مناخاً ملائماً لمشاركة جميع الأطراف في تحقيقها، مع ملاحظة أن بعض المسؤولين يحدون من هذه المشاركة الفاعلة للقطاع الخاص بعرقلة استثماراتهم تحت ما يسمى الروتين الذي بحقيقته نافذة الفساد الرئيسية.
التنمية تحتاج إلى إغلاق نوافذ الفساد حتى تلك التي تستند إلى قرارات تنفيذية ومحاسبة كل من يثبت أنه كان سبباً في تضييع فرصة نمو في أي قطاع من القطاعات.
سميرة المسالمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق