يمكن أن نبرر لأنفسنا الأرقام المتصاعدة فيما لو قررنا أن ندخل موسوعة غينيس للأرقام. ولكن عندما نعلم أن هذه الأرقام هي ليست لهذا الغرض، وإنما هي مؤشر المخالفات المضبوطة من قبل الجهات المعنية في المحافظات السورية، فهذا يعني أننا أمام حالة شبه مستعصية لإعادة الأمور إلى نصابها وإقناع الناس الالتزام بالقوانين وتنفيذ القرارات الصادرة عن الجهات الرسمية.
فأنْ نقول: إننا نظمنا نحو مئة ألف مخالفة على قانون التموين والتسعير في عام 2008 وما يقارب نصف هذا الرقم خلال النصف الأول من عام 2009، ونحو 400 ألف ضبط مخالفة كهرباء وأننا بانتظار النظر في مئة ألف دعوى قضائية حول نفس الأمر ونحو 35% من السكان يعيشون في أبنية مخالفة ومئات الآلاف من مخالفات المرور و.. و..
هذا إذا عُبِّر لدى الجهات المعنية عن حسن القيام بأدوارهم الرقابية. فهو من جهة أخرى يعبر عن وجود حالة من التعنت والإصرار على مخالفة القوانين واستباحة الغش للمستهلكين، وعدم جدوى العقوبات المفروضة للحد من هذه الظاهرة، إن لم نقل للقضاء عليها.
ولو نظرنا في مجموع عدد المخالفات، واعتبرنا أن كل واحدة هي لأسرة سورية، فهذا يعني أن نحو 25% من سكان سورية على الأقل هم من مرتكبي المخالفات. والمتوقع صدور أحكام بحقهم، وهو الأمر الذي يجب أن يقودنا إلى أسئلة كبيرة ومهمة تبدأ بـ:
ما الذي يمكن أن نقدمه للمواطن اليوم كجهات رقابية مع قدوم شهر رمضان المبارك الذي حولناه بعادات بعيدة عن غايته، إلى شهر الاستهلاك العالمي، وأصبحت هذه العادات جزءاً من حياتنا مفروضة علينا. هل يكفي أن نقدم إحصاءات رقمية تعبر عن مزيد من انتهاكات قانونية لا تعود على حياة المواطنين، بأية منفعة.
هل يمكن مع تزايد الأرقام »المخالفاتية« أن نقف متأملين في طبيعة القانون الرقابي على اختلاف اختصاصاته لنسأل أين الخلل الذي يجعله ضعيفاً في إقناع الناس بعدم المخالفة أو حتى لماذا لم يستطع أن يردع المخالفين أنفسهم عن الاستمرار والإمعان بالمخالفات.
تحتاج قوانين الرقابة الناظمة لعمل معظم وزاراتنا المتماسة مع المواطنين، إعادة نظر ليس من باب التهاون والمهادنة مع المخالفين، لكن على قاعدة أن القوانين توجد لتنظم حياة الناس وليس من أجل أن تتحول إلى إحصائيات رقمية لعدد المخالفين مع بقاء الوضع القائم على حاله. وإذا دافع البعض بأنه يتغير على أساس المشهد الدراماتيكي للاغلاقات الكثيرة للمنشآت، لأن الاغلاقات ليست عقوبة للمخالفين فقط فهي عقوبة تتوسع منعكساتها حتى تصل إلى المتضررين من العاملين والمستهلكين أنفسهم. فهل غاية القانون معاقبة المخالف أم معاقبة مساحة الخدمة التي تتحرك فيها هذه المنشآت على اختلاف أنواعها.. وهل الغاية ردع الناس عن المخالفة أم الغاية محاسبة الناس بعد المخالفة؟!
التهاون دائماً لابد أن يكون ليس من صاحب المخالفة وإنما من صاحب القرار ومسؤول المحاسبة. ولذلك فقوانين الرقابة على اختلاف أنواعها، من قانون المرور إلى المخالفات إلى الغش والتدليس والتلاعب بالمنشأ و.. و.. لابد من أن ننظر إليها بدءاً من دورها الرقابي الوقائي، وليس المحاسبي، وانتشار المخالفات وتشعبها.. علاجها عند الوزارات وليس عند الأفراد، لأن العلاج المؤسساتي هو الأنجع وقاية ومحاسبة، وهو أولاً وأخيراً ثقافة وعندما نحسنُ بثَّها بيننا نقطف ثمارها من أجلنا وأجل أولادنا والأجيال القادمة جميعها.
فأنْ نقول: إننا نظمنا نحو مئة ألف مخالفة على قانون التموين والتسعير في عام 2008 وما يقارب نصف هذا الرقم خلال النصف الأول من عام 2009، ونحو 400 ألف ضبط مخالفة كهرباء وأننا بانتظار النظر في مئة ألف دعوى قضائية حول نفس الأمر ونحو 35% من السكان يعيشون في أبنية مخالفة ومئات الآلاف من مخالفات المرور و.. و..
هذا إذا عُبِّر لدى الجهات المعنية عن حسن القيام بأدوارهم الرقابية. فهو من جهة أخرى يعبر عن وجود حالة من التعنت والإصرار على مخالفة القوانين واستباحة الغش للمستهلكين، وعدم جدوى العقوبات المفروضة للحد من هذه الظاهرة، إن لم نقل للقضاء عليها.
ولو نظرنا في مجموع عدد المخالفات، واعتبرنا أن كل واحدة هي لأسرة سورية، فهذا يعني أن نحو 25% من سكان سورية على الأقل هم من مرتكبي المخالفات. والمتوقع صدور أحكام بحقهم، وهو الأمر الذي يجب أن يقودنا إلى أسئلة كبيرة ومهمة تبدأ بـ:
ما الذي يمكن أن نقدمه للمواطن اليوم كجهات رقابية مع قدوم شهر رمضان المبارك الذي حولناه بعادات بعيدة عن غايته، إلى شهر الاستهلاك العالمي، وأصبحت هذه العادات جزءاً من حياتنا مفروضة علينا. هل يكفي أن نقدم إحصاءات رقمية تعبر عن مزيد من انتهاكات قانونية لا تعود على حياة المواطنين، بأية منفعة.
هل يمكن مع تزايد الأرقام »المخالفاتية« أن نقف متأملين في طبيعة القانون الرقابي على اختلاف اختصاصاته لنسأل أين الخلل الذي يجعله ضعيفاً في إقناع الناس بعدم المخالفة أو حتى لماذا لم يستطع أن يردع المخالفين أنفسهم عن الاستمرار والإمعان بالمخالفات.
تحتاج قوانين الرقابة الناظمة لعمل معظم وزاراتنا المتماسة مع المواطنين، إعادة نظر ليس من باب التهاون والمهادنة مع المخالفين، لكن على قاعدة أن القوانين توجد لتنظم حياة الناس وليس من أجل أن تتحول إلى إحصائيات رقمية لعدد المخالفين مع بقاء الوضع القائم على حاله. وإذا دافع البعض بأنه يتغير على أساس المشهد الدراماتيكي للاغلاقات الكثيرة للمنشآت، لأن الاغلاقات ليست عقوبة للمخالفين فقط فهي عقوبة تتوسع منعكساتها حتى تصل إلى المتضررين من العاملين والمستهلكين أنفسهم. فهل غاية القانون معاقبة المخالف أم معاقبة مساحة الخدمة التي تتحرك فيها هذه المنشآت على اختلاف أنواعها.. وهل الغاية ردع الناس عن المخالفة أم الغاية محاسبة الناس بعد المخالفة؟!
التهاون دائماً لابد أن يكون ليس من صاحب المخالفة وإنما من صاحب القرار ومسؤول المحاسبة. ولذلك فقوانين الرقابة على اختلاف أنواعها، من قانون المرور إلى المخالفات إلى الغش والتدليس والتلاعب بالمنشأ و.. و.. لابد من أن ننظر إليها بدءاً من دورها الرقابي الوقائي، وليس المحاسبي، وانتشار المخالفات وتشعبها.. علاجها عند الوزارات وليس عند الأفراد، لأن العلاج المؤسساتي هو الأنجع وقاية ومحاسبة، وهو أولاً وأخيراً ثقافة وعندما نحسنُ بثَّها بيننا نقطف ثمارها من أجلنا وأجل أولادنا والأجيال القادمة جميعها.
سميرة المسالمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق