الأربعاء، 17 مارس 2010

بــــــلا كهــــربـــــاء.. الصمــــت عــــلى الصمـــــــــت

يصبح الصمت أكثر بلاغة عندما تفقد الكلمات معناها، ولكن حتى الصمت أحياناً يصبح عبئاً ثقيلاً أمام تعاظم الأمر واستفحاله، فيصبح الصمت على الصمت خيانة لمن ائتمنك على أن تكون صوته بل وصوته المرتفع جداً..
عندما كان يغزونا شبح التقنين فنصرخ استغاثة، كان هناك من يرجع صدى صوتنا إلينا بكثير من التصريحات لنكتشف بعدها أنه أنجز القليل القليل فقط من العمل المبدد لمخاوفنا..
أصبح وعي المواطن هو الحل الذي تقدمه لنا وزارة الكهرباء، اكتشاف يريح كل الأطراف، الوزير وعامليه والمواطنين، لكن هذا الوعي يجب أن يكون حسب التصريحات باتجاه تفهم واستيعاب وقبول انقطاع الكهرباء مرات ومرات في اليوم الواحد، مرة نقبلها لأننا أُعلمنا بموعد الانقطاع وثانية لأنه علينا أن نعي أن الكهرباء مصروف لا مبرر له وانقطاعها رحمة بجيوبنا. وثالثة تعبيراً عن وعينا أننا وعينا ما تريده وزارة الكهرباء وتفهمنا أسباب تقصيرها وربما سامحها المواطن واعتبر الموضوع سهواً..
سنوات عديدة والكل يدرك حجم المشكلة التي نقدم عليها وكانت الحلول منتظرة بوضع محطة دير علي ودير الزور بالخدمة، ولكن ما الذي أنجزناه باتجاه هذا الأمر وعلى ماذا اشتغلت مؤسسة التوليد منذ عام 2000 وحتى اليوم، ربما نظلم هذه المؤسسة لو طالبناها بالاستيراد بعد عام 2004 لكن قبلها السؤال مشروع بل وواجب على كل الجهات الرقابية، ثم ما الذي أنجزته الوزارة، أين تصريحات السيد الوزير السابق، هل ذهبت أدراج الرياح كما ذهب مضمونها؟. ليس من الإنصاف أن نحمل الوزير الحالي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في قطاع الكهرباء لكن في الوقت ذاته يصعب أن نتقبل تبريراته، وأن نقنع بأن الحل هو وعي المواطن أو أن «المواطن واعٍ».
يبدو أن المشكلة أصبحت أوسع من دائرتها والحلول باتت مستعصية أمام ساكني هذه الدائرة. ولذلك لا بد أن تأتي الحلول من خارج الدائرة لأن القضية لم تعد قضية وزارة بل أصبحت قضية وطنية بامتياز تمس الأمن الاقتصادي بعمومه كما تمس كل جزئيات الاقتصاد الوطني من الصناعة إلى التجارة إلى السياحة وتكاد تكون الأخيرة مهددة فعلياً رغم كل الأرقام التي تطرح اليوم وتؤكد على زيادة مردودية هذا القطاع...
الكهرباء بواقعها اليوم قضية تمسّ فعلياً مصداقية الحكومة تجاه طرحها للاستثمار والتوسع به لتحقيق أهداف التنمية. كما تمس مصداقية الوعود تجاه خدمات أفضل للمواطنين..
ولذلك وبعد أن خسرنا الرهان بالدليل و«العتمة» على وزارة الكهرباء نأمل تدخلاً يبحث خارج هذه الدائرة المغلقة على حلول قد توجد في دول صديقة كالهند وروسيا وغيرهما وهذه الحلول لا تتمثل فقط بالبحث عن استيراد الكهرباء وان أصبحت اليوم ضرورة وأمراً واقعاً لا مفر منه، بل ببنائنا لقدرات جديدة لتوليد الكهرباء، لأنك إذا أردت أن تشبع جائعاً فلا تعطه سمكة بل علمه صيد السمك.
لقد بدت وزارة الكهرباء خارج الدائرة المعنية بعد كل ما يعانيه المواطن كل يوم من انقطاعات للتيار. ولذلك لا بد أن تدخل الحكومة والقيادة إلى داخل الدائرة الزمنية لإيجاد حلول حقيقية تنير الواقع فعلياً..
إذا كنا نؤمن أن الحكومة تعمل ما بوسعها على مختلف الاتجاهات لمزيد من التنمية ومزيد من فرص العمل للحد من الفقر ومعالجة أسبابه فإننا في الوقت نفسه نؤمن أن الحل يجب أن تتولاه الحكومة مجتمعة وربما الحكومة وأكثر.. والشعب جزء من الحل ولا خلاف على ذلك، لكن ليس الحل كله بأن يكون تفهَّمَ ووعيَ الشعب لضرورات انقطاع الكهرباء حتى صار البعض يقول: وزارة انقطاع الكهرباء بدلاً من وزارة الكهرباء، فهي لا تستطيع حتى أن تنظم انقطاعاتها فكيف تستطيع أن تنظم توليد الكهرباء.
سميرة المسالمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق